هذه قصيدة للشيخ حافظ الحكمي رحمه
تدل على زهده في الدنيا وخوفه وحذره منها

ومالي وللدنيا وليست ببغيتي
ولا منتهى قصدي ولست أنا لها

ولست بميال إليها ولا إلى
رئاستها نتناً وقبحاً لحالها

هي الدار دار الهم والغم والعنا
سريع تقضيها قريب زوالها

ميا سيرها عسر وحزن سرورها
وأرباحها خسر ونقص كمالها

إذا أضحكت أبكت وإن رام وصلها
غبي فيا سرع انقطاع وصالها

فأسأل ربي أن يحول بحوله
وقوته بيني وبين أغتيالها

فيا طالب الدنيا الدنيئة جاهداً
ألا أطلب سواها أنها لا وفي لها

فكم قد رأينا من حريص ومشفق
عليها فلم يظفر بها أن ينالها

قد جاء في آي الحديد ويونس
وفي الكهف إيضاح بضرب مثالها

وفي آل عمران وسورة فاطر
وفي غافر قد جاء تبيان حالها

وفي سورة الأحقاف أعظم واعظ
وكم من حديث موجب لاعتزالها

لقد نظروا قوم بعين بصيرة
إليها فلم تغررهمو باختيالها

أولئك أهل الله حقاً وحزبه
لهم جنة الفردوس إرثاً ويالها

ومال إليها آخرون لجهلهم
فلما اطمأنوا أرشقتهم نبالها

أولئك قوم أثروها فأعقبوا
بها الخزي في الآخرى وذاقوا وبالها

فقل للذين استعذبوها رويدكم
سينقلب السم النقيع زلالها

ليلهوا ويغتروا بها ما بدا لهم
متى تبلغ الحلقوم تصرم حبالها

ويوم توفى كل نفس بكسبها
تود فداءً لو بنيها ومالها

وتأخذ إما باليمين كتابها
إذا أحسنت أو ضد ذا بشمالها

ويبدو لديها ما أسرت وأعلنت
وما قدمت من قولها وفعالها

بأيدي الكرام الكاتبين مسطر
فلم يغن عنها عذرها وجدالها

هناك ستدري ربحها وخسارها
وإذ ذاك تلقى ما إليها مآلها

فإن تك من أهل السعادة والتقى
فإن لها الحسنى بحسن فعالها

تفوز بجنات النعيم وحورها
وتحبر في روضاتها وظلالها

وترزق مما تشتهي من نعيمها
وتشرب من تسنيمها وزلالها

وإن لهم يوم المزيد لموعداً
زيادة زلفى غيرهم لا ينالها

وجوه إلى وجه الإله نواظر
لقد طال ما بالدمع كان ابتلالها

تجلى لها الرب الرحيم مسلماً
فيزداد من ذاك التجلي جمالها

بمقعد صدق حبذا الجار ربهم
ودار خلود لم يخافوا زوالها

فواكهها مما تلذ عيونهم
وتطرّد الأنهار بين خلالها

على سرر موضونة ثم فرشهم
كما قال فيها ربنا واصفاً لها

بطائنها استبرق كيف ظنكم
ظواهرها لا منتهى لجمالها

وإن تكن الأخرى فويل وحسرة
ونار جحيم ما أشد نكالها

لهم تحتهم منها مهاد وفوقهم
غواش ومن يحموم ساء ظلالها

طعامهم الغسلين فيها وإن سقوا
حميماً به الأمعاء كان انحلالها

أمانيهم فيها الهلاك وما لهم
خروج ولا موت كما لا فنا لها

محلين قل للنفس ليس سواهما
لتكسب أو فلتكسب ما بدا لها

فطوبى لنفس جوزت وتخففت
فتنجوا كفافاً لا عليها ولا لها
رحم الله الشيخ حا فظ فلقد ترك ثروة علمية كبيرة رغم أن المنية إختطفته ولم يتجاوز الثا لثة والثلا ثين !!!